«الإيكونوميست»: اتحادات الأعمال الروسية تحذّر من إفلاس 200 مركز تسوق
«الإيكونوميست»: اتحادات الأعمال الروسية تحذّر من إفلاس 200 مركز تسوق
قالت مجلة «الإيكونوميست»، أن الشركات الروسية واصلت عملها بشكل شبه طبيعي لأكثر من عامين بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث عززت الحكومة الإنفاق الدفاعي، وقدمت قروضًا مدعومة ساعدت في إبقاء الاقتصاد المحلي مستقرًا نسبيًا رغم العقوبات الدولية التي أغلقت أسواقًا رئيسية وزادت معدلات التضخم، كما عمدت شركات غربية كبرى مثل "فولكس فاغن" الألمانية و"شل" الهولندية إلى بيع أصولها لشركات محلية، مما دعم استمرار الإنتاج.
وذكرت «الإيكونوميست»، في تقرير لها اليوم الخميس، أن مؤشر الأسهم الروسي (MOEX) سجل انخفاضًا بنحو 30% خلال الأشهر الستة الماضية، بعد أن كان قد تعافى بشكل كبير منذ بداية الحرب، وتصاعدت حالات إفلاس الشركات نتيجة السياسات المالية الأخيرة.
وأشارت إلى أن الحكومة رفعت سعر الفائدة الأساسي إلى 21% لمواجهة التضخم، مما زاد من كلفة الاقتراض، كما أثرت العقوبات الأمريكية الجديدة على قيمة الروبل، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الواردات بصورة كبيرة.
ارتفاع معدلات الديون
وقالت المجلة، إن الشركات تضررت بشدة من ارتفاع تكاليف الديون، وكشف البنك المركزي الروسي أن نحو 50% من ديون الشركات أصبحت مرتبطة بسعر الفائدة المتغير، مقارنة بـ40% فقط في بداية 2022.
وأثر هذا الارتفاع سلبًا على خطط الاستثمار المستقبلية، حيث أعلنت "السكك الحديدية الروسية"، أكبر مشغل في البلاد، عن نيتها خفض الإنفاق الاستثماري.
ووف المجلة، فقد طالبت اتحادات الأعمال الحكومة بتقديم قروض ميسرة وتأجيل دفع الالتزامات، محذرة من خطر إفلاس نحو 200 مركز تسوق.
ونوهت إلى شكوى قادة الأعمال من تعقيد شروط الدفع، حيث ذكر مدير شركة "روستيك" الحكومية، سيرجي تشيميزوف، أن الشركات تعاني من تأخير دفع الموردين بسبب نقص التمويل.
وقال إن الدفعات المقدمة لا تغطي سوى 40% من التكاليف، ما يجبر الشركات على الاقتراض أو تأجيل سداد مستحقات الموردين، وهو ما يفاقم الأزمة.
زيادة تكلفة الإنتاج
عانت الشركات الصناعية من ارتفاع متسارع في تكلفة الواردات الأساسية، وفقًا لمسح أجرته "أس آند بي غلوبال"، حيث ارتفعت تكاليف المواد الخام للشهر الثالث على التوالي حتى نوفمبر الماضي.
واشتكى المصنعون من تأخر توريد المكونات بسبب العقوبات وصعوبة توظيف عمالة جديدة، إذ بلغ معدل البطالة 2.3% فقط، نتيجة تجنيد عدد كبير من القوى العاملة في القطاعين العسكري والدفاعي.
وأشار التقرير إلى تراجع الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا والابتكار، حيث أدت هجرة الكفاءات وقيود استيراد المكونات مثل رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكية إلى عرقلة التقدم التكنولوجي، وأثرت هذه العوامل سلبًا على قدرة الشركات الروسية على التكيف مع التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما رفعت الحكومة معدل الضريبة على أرباح الشركات من 20% إلى 25% في محاولة لزيادة الإيرادات، ومع استمرار تراجع الأداء الاقتصادي، توقع خبراء موجة جديدة من حالات الإفلاس.
تغير بيئة الأعمال
وأكدت المجلة أن بيئة الأعمال في روسيا شهدت تحولات عميقة، مع تآكل حقوق الملكية وازدياد الاعتماد على علاقات شخصية مع القيادة السياسية، وحذرت مراكز دراسات دولية من أن هذه التغيرات تعيد المشهد الاقتصادي إلى فوضى ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث أصبح رضا القيادة السياسية شرطًا أساسيًا لاستمرار الأعمال.
وخلصت “الإيكونوميست” إلى أن هذا المشهد المعقد يعكس التداعيات العميقة للحرب على الاقتصاد الروسي، وهو ما ينذر بتحديات أكبر في المستقبل القريب.